لماذا العزيمة مهمة؟

هذه هي "أوقات VUCA": عصر يتجسد في التقلب وعدم اليقين والتعقيد والغموض. إن VUCA أكثر من مجرد كلمة مشهورة. إنها جزءٌ مهم من الواقع الحالي في عالم الشركات وأيضاْ في حياتنا الشخصية اليومية. كما أن كلمة VUCA  تعني أيضًا "الاستيقاظ" في لغة الـ   Zulu ،  فإن واقعنا الحالي يجعل من المهم بالنسبة لنا "الاستيقاظ" للتعلم واكتساب الاستراتيجيات والأدوات الجديدة بالإضافة إلى الأساليب المبتكرة. إنه يدفعنا لأن نكون صامدين كأفراد ومؤسسات ومجتمعات. والطريقة الوحيدة للنجاح في ظل هذه الظروف هي بناء وتعزيز إتقاننا للإبحار مع موجات التغيير السريعة ولتحويل التحديات إلى فرص. وتمثل كل من المرونة والقدرة على التكيف والعزيمة مفتاحًا قويًا في كل هذا، والعامل المحفز لتحسين العمل والنجاح الدائم.

المرونة والقدرة على التكيف والعزيمة في أوقات VUCA

بدلاً من أن تؤدي عناصر VUCA إلى مشاكل وخسائر ، يمكنها تعزيزعملية اتخاذ القرار والاستجابة لتحولات الاسواق وبيئة العمل السريعة. ولكن هذا يحدث فقط مع مجموعة ذهنية محددة بالمرونة والقدرة على التكيف والعزيمة. اليوم تستخدم العزيمة في العديد من مجالات العلم ، كعلم النفس والباحثون Togage و Dr. Fredrickson يعرّفونها على أنها القدرة على التعافي من التجارب العاطفية السلبية والتكيف بمرونة مع الضغوط المتغيرة باستمرار. الدكتور سيليغمان Dr. Seligman، والد علم النفس الإيجابي ، يصفها بأنها "القدرة على الارتداد من الشدائد والنمو من التحديات. عالم البيئة هولنج Holling يعتبر العزيمة المرتبطة بالقدرة على استيعاب التغيير ومواصلة التطوير في مواجهة الاضطرابات وتغيير الظروف. تشير جميع هذه التعريفات إلى أن العزيمة تتضمن أيضًا التوقع والابتكار والتعلم والمضي قدمًا. إنه يدل على الانفتاح على المسارات والأدوات والتقنيات المختلفة من أجل التنمية. وهذا هو السبب في أن العزيمة تستلزم قابلية التحويل والمثابرة والقدرة على التكيف. 

عندما يعرف القادة في شركتك كيفية استخدام المرونة والقدرة على التكيف والعزيمة في تحويل التحديات المتأصلة في أوقات VUCA، يمكن لمؤسستكم إنشاء عمليات وأنظمة مرنة وسريعة بحيث تستجيب بشكل فعال للتغيرات في السوق بينما تلهم أساليب السوق المبتكرة وثقافة الشركات المزدهرة.

عندما كمحترف تعرف كيف تستفيد من الصمود في خضم ضغوط العمل والحياة اليومية، يمكنك أن تظل هادئًا وأن تنظر إلى الوضع على أنه تحدٍ وليس أزمة أو مشكلة. هذا يستنبط دماغك لتحديد خيارات قابلة للعمل ويبقي تركيزك ثابتاْ على تحقيق أهدافك، وأكثر من ذلك سوف تشعر بالنشاط بدلاً من التعب والارهاق أو الضغط النفسي خلال هذه الاوقات المتسمة بتقلب أوضاع الاسواق السريع وعدم اليقين والتعقيد والغموض VUCA.

تعزيز الكوادر البشرية

في كتاب فوز الموهبة Talent Wins لمؤلفه دومينيك بارتون (شريك إداري عالمي لشركة McKinsey & Co)، ورام شاران (مؤلف كتب أعمال)، ودنيس كاري (نائب رئيس Korn Ferry) ، تم التأكيد على أنه يجب على الشركات تحديد المواهب وتوظيفها وتعزيزها لتزدهر. في مقابلة مع كوارتز في العمل Quartz At Work، صرح بارتون أن "هناك الكثير من اصحاب رأس المال الذين يبحثون عن الأفكار والفرص، والمواهب هي الجزء النادر، وهذه ظاهرة في عصرنا الحالي. […] المؤسسات والشركات التي تستطيع تحديد نسبة الـ 2٪ من المواهب الاساسية في المؤسسة، أي الأشخاص الذين ينتجون معظم القيمة، هي المؤسسات التي ستشهد عوائد استثنائية. […] ولكن لا تستطيع الـ 2٪ القيام بأشياء استثنائية دون الـ 98٪. ولهذا السبب يجب أن تكون مشاركة الـ 98٪ من كوادر المؤسسة عالية. ووفقًا لبارتون: " أن العثور على نسبة الـ 2٪ ضروري ويتطلب أكثر من معايير اختيار قياسية“ ان المهارات العملية، على سبيل المثال، يمكن لشخص ما أن يضع خطة مالية، أو يمكنه تطوير خطة التسويق، يمكنك أن تقيم جدارتهم بوضوح. ولكنه من الصعب جداً اختبار أو تقييم مهارات مثل المرونة والقدرة على التكيف والعزيمة. وأضاف بارتون إن العزيمة هي عنصر أساسي في هذه اللعبة المتغيرة بنسبة الـ 2٪.

إرتباط علم الأعصاب  بالعزيمة

من خلال التدريب المهني Executive Coaching والاستشارات المناسب، يمكن بناء العزيمة وتعزيز قوتها. يوضح لنا علم الأعصاب أن أدمغتنا لديها شبكة تتكون من حوالي 100 مليار خلية عصبية، وكل خلية عصبية لديها عشرة الاف رابط. وأن الروابط بين هذه الخلايا العصبية تصبح أقوى أو أضعف استنادًا إلى مدى التحفيز. وتعرف هذه الظاهرة بالمرونة العصبية. وهذا يعني أن أي موهبة أو مهارة يمكن أن تتطور وتزدهر من خلال التقنيات التي تشحذها. روديغر غام هو دليل حي على ذلك. من خلال تطبيق الاستراتيجيات والمثابرة الحقيقية، حول نفسه من شخص فشل في الرياضيات الأساسية إلى "آلة حاسبة بشرية" مشهورة. العزيمة ليست مختلفة، ويمكن تعزيز الاتصالات العصبية لبناء المرونة والقدرة على التكيف والعزيمة لتتمكن من النجاح في عصرنا الحالي.

نبذة عن الكاتبة

بصفتها المديرة التنفيذية لشركة Resilience & Co، تتولى ندى المرجي مسؤولية تحديد التوجهات الاستراتيجية الشاملة للشركة، بما في ذلك تخطيط وتحديد استراتيجية وتطوير محفظة خدمات وبرامج الشركة. فهي لديها أكثر من 20 عاماً من الخبرة العالمية في ادارة الاعمال ووضع استراتيجيات لتطوير الاعمال والاسواق في مختلف الصناعات والتقنيات والبلدان. نظرًا لحياتها وخبرتها المهنية، فهي شغوفة بشكل خاص بشأن بناء مرونة وقدرة تكيف الأفراد والمؤسسات والمجتمعات المحلية، وتمكينهم من الازدهار في الأوقات الصعبة والتي تشهد التغيير المستمر والمترافق مع الوتيرة السريعة. تحمل ندى شهادة الماجستير في إدارة الأعمال من جامعة ليستر بالمملكة المتحدة ، وهي أيضاً مدربة قيادية معتمدة Certified Leadhership Coach ومدربة فرق العمل معتمدة Systemic Team Coach ومدربة معتمدة Professional Certified Coach (PCC) من قبل الاتحاد الدولي للمدربين (ICF).